إعلان علوي

وطناً لا يحمي حقوقنا لا يستحقنا*

 طالت الحرب في بلدي ، طالت معاناة الناس وفقدنا الأمل ، رآن على قلوبنا وكأن الأرواح ماتت أو تجمدت أو تخدرت ، فقدنا الاحساس بكل شيء ..
أصبحنا نشعر بشعور غريب جداً ، لم نعد نشعر بالحزن ولسنا سعداء على الإطلاق ،
ربما مللنا رتابة الحزن لكثرتها أو لأن الإنسان مكتفي بهمومه ، لقد مللنا الحياة بأكملها .. 
لا زال كل طرف من أطراف الحرب يأتي بأخبار انتصاراته للمواطن حتى لم يعد المواطن يلتفت لها بشغف كما كان أول الحرب ولا يسمعها بأي تلهف أو إهتمام ؛
أصبح المواطن لا يملك الوقت لهذه الأشياء ، فهو مشغول بهمومه ومتطلبات بيته ، لقد أصابه الملل واليأس رتابة خمس سنوات من الحرب والتشرد والجوع والمرض والمعاناة ومشاهدة شتى أشكال الموت والاختطاف والاغتصاب والضرب والجرائم التي تحدث يومياً ، وشتى أنواع الخلافات بين الأحزاب و الساسة والعسكريين والجنود والبلاطجة والمجرمين ،  
أخبار انتصارات كاذبة كل شيء أصبح كاذباً .. 
الميكروفونات تضج بالزوامل والأناشيد الوطنية في الجولات والمظاهرات ، صاحب الباص لا يسمعها فهو ينادي الركاب المركزي الثورة الروضة ، الراكب شارد الذهن لا يسمع شىء ربما نفذت اسطوانة الغاز في منزله ولا يمتلك ثمنها أو لا يملك أجرة الركوب للوصول إلى المنزل ، شخص حزين على الرصيف لديه بسطه صغيرة لا يتجاوز رأس ماله خمسة آلاف ريال يترقب أقدام المارة يتمنى أن يشتري منه أحدهم ولو بمائة ريال ولا يعنيه كل ذلك الضجيج ، طالب أو طالبة في الجامعة أو في المدرسة لا يملك أجرة الباص يسير في قارعة الطريق عائداً إلى المنزل شارد الذهن جائعاً ويشعر بالعطش يشتم رائحة الطعام و عصافير بطنه تزقزق من الجوع أمنيته الوحيدة أن يحصل على لقمة تسد جوعه ورشفة ماء تروي حلقه ولا يهمه من انتصر ومن هزم .. 
لم نعد نحزن ولسنا سعداء أصبحنا نعيش هكذا شاردين التفكير في كل شيء ، لم نعد نشعر أن لدينا وطن إلى درجة أننا كرهنا شيء اسمه وطن .. 
يقال أن وطناً لا تحميه لا تستحق العيش فيه ،  لابل الصحيح أن وطناً لا يحمي حقوقنا لا يستحقنا .

  • ✍🏻عماد البنا




 

ليست هناك تعليقات